Wednesday, November 30, 2011

اغنية شتائي


بالنسبة للبعض يعني الشتاء رمادية  ضباب كآبة وحزن...يوم ينتهي سريعاً و وقت غير كاف للحياة..لا تعني لهم الأغطية والملابس الثقيلة سوى قيوداً وتعجيزاً عن الحركة...
بالنسبة لي الشتاء يعني رؤية اوضح للعالم من حولي دون انزعاج تسببه الشمس القوية لعيني...سماء ارحب للدعاء ونفوس انقي..هواءً مغسولا بالامطار...تلك الأغطية والملابس الثقيلة هي شريكة دفء محبب...دفء حقيقي يدعو لاسترخاء لا تحدثه برودة التكييف الاصطناعية في الصيف..نوم عميق...أما عن الحزن فحتى حزن الشتاء مختلف...حزن الشتاء كشمسه...تكسوه بعض السحب التى تتفرغ سريعاً لتخلف سطوع حقيقي هادئ وغير مبهرج او مؤذي...لا يشبه حزن الصيف الصارخ ...الذي لا يجد متنفسا له فلا الدموع تسعف و لا  البشر يملكون طاقة لاستقباله...
صديقتي كارهة الشتاء حدثتني يوما عن اغنية الشتاء لصلاح عبد الصبور...عن أنها تختصر اسباب كرهها لهذا الفصل...

ينبئني شتاء هذا العام
أنني أموت وحدي
ذاتَ شتاء مثله, ذات شتاء
يُنبئني هذا المساء أنني أموت وحدي
ذات مساء مثله, ذات مساء
و أن أعوامي التي مضت كانت هباء
و أنني أقيم في العراء
ينبئني شتاء هذا العام أن داخلي
مرتجف بردا
و أن قلبي ميت منذ الخريف
قد ذوى حين ذوت
أولُ أوراق الشجر
ثم هوى حين هوت
أول قطرة من المطر
و أن كل ليلة باردة تزيده بُعدا
في باطن الحجر
و أن دفء الصيف إن أتى ليوقظه
فلن يمد من خلال الثلج أذرعه
حاملة وردا

تخشي الوحدة في الشتاء...تخشي موت القلوب الوحيدة...اعلم جيدا ما تقصده فكل شتاء تعاودني نفس الرغبة ويسكنني نفس الحلم...كل شتاء يحاول قلبي اخباري انه سأم البرد والوحدة...و كل شتاء اخبر قلبي انه ان كان الموت آتيا لا محالة فافضل له ان يموت في الشتاء..اعلم ان الموت في الشتاء سيكون أكثر دفئاً علي الاقل بسبب تلك الملابس الثقيلة... إن مت في الشتاء أستطيع أن أدعي أن السماء تبكي من أجلي و أن كل من يرفع يده داعيا وقت المطر يشملني في دعواته...أستطيع الادعاء إن شئت أن قلبي لم يمت وأنه فقط في حالة بيات شتوي وسيعود يوما إن تدثرت بما يكفي من الأغطية وذرفت قدر ما استطيع من الدموع...او ربما إن ارتميت في حضن دافئ كحل اخير...


أحاول كل عام أن اخبرصديقتي كارهة الشتاء بما يعنيه لي علها تغير نظرتها له ليس فقط لنضع حبنا للشتاء علي قائمة الأشياء المشتركة بيننا...تلك القائمة التى توقفنا عن تحديثها منذ زمن طويل...لكن أيضا  لسبب آخر- أعترف -أنه أكثر أنانية...هو أن أجد من يشاركني سعادة بشتاء انتظره طوال العام.. شخص يخطر ببالي عندما تبدأ السماء في البكاء..شخصاً يرسل لي وجهاً تعبيرياً مبتسماً في نافذة محادثة تمتلئ بالوجوه المبتسمة دوماً.. لكن هذا الوجه تحديدا سيختلف ككل ما يخص الشتاء...ابتسامة ستعني مشاركة لفرحة بمطر غزير سيغسل القلب ليمحو بعض اسباب الحزن...
فكل الأشياء تحلو بالمشاركة كما تقول دعاية شركة الشيكولاتة الشهيرة...
كل شئ حتى الشتاء..

2 comments:

إبـراهيم ... said...

أنا أيضًا أحب الشتـاء،، أحبٌّه كثيرًا

وأحب "البرد" فيه أكثر من الدفء أيضًا
.
وأحب الثورة فيه أيضًا :)

بما إننا بقالنا شتائين في ثورة

مش عارف الشتا الجاي هنعمل إيه؟

حلووووة قووووي كتابتك هنا

وحاسسها مختلفة

عبد الرحمن سالم said...

لغة عذبة وجميلة وراقية جدًا :)
أشكرك على زيارة المدونة.