Tuesday, August 10, 2010

احتواء!



تعذبني تلك الصورة...ذلك التكور في الفراغ القابع بين كتفي احدهم...وتلك الرأس التي تتكأ علي رأسي بحنو لم اتخيل الحصول عليه يوما..ويدا تداعب شعري القصير..الحر والمتناثر فوق عنقه... بينما تطوقني الاخري ضامه اياي...احدي يداي فوق قلبه والاخري فوق قلبي...كاداة اتصال لم يعرفها العالم من قبل...الاحتواء بكل ما تحمله الكلمه من معني..توحد الانفاس..نزول دموعي علي قلبه ليبرد جرحي..ان انسي كل ما اصابني من عطب حياتي بلمسه وحيدة ..
اصبح هذا هاجسي الجديد و كل ما افكر به..لدرجة اني اصبحت افتش في كل من اعرفهم ..افتشهم جميعا بحذر باحثة عن هذا القلب..هاتان اليدان وهذا الاحتواء...اصبحت مجنونه..اصبحت احدي تلك الفتيات الباحثات عن الحب ابدا...
هذه ليست انا..لم اكن ذلك يوما..حتى عندما احببته لم افكر هكذا يوما..اعلم انه الجرح يتحدث..الرغبة في رغبه احدهم في لمداواة جرح الهجران القديم...هو استطاع ان يتخطي الجرح..استطاع ان يجد من يكمله...من تضع يدها علي القلب ليطيب..او علي الاقل تستطيع منع الهواء من احداث ذلك الصفير المزعج عند المرور من ثقب الذكري...بينما انا لازلت اعرض قلبي المثقوب علي صفحاتي وصفحات اصدقائي الذين حتما سيملون... يوما سيطلبون مني ان اتخطي ما حدث..ان اكتمل من جديد...ان اتخطي الحزن وابحث عن محددات جديدة لهويتي...اكبر مخاوفي الآن هو انهم سيظلون يكررون دوما ان ما كان كان..وان الغد افضل..بينما انا ساظل هناك...ممدة علي ارضية الغرفة..او مستنده لحائط بارد..أن أظل هناك في مرحلة التصوير البطئ..وحدي اسير بالتصوير البطئ بينما كل ما عاداي استعاد سرعته الطبيعية...أن أواصل المتابعة من بعيد...مرددة انه سياتي ذلك اليوم..يوما ما ساستعيد سرعتي الطبيعية..ساستطيع الحركة دون ان اضطر لتلمس طريقي او الاستناد علي دعامة تمنعني من السقوط..لكني لا استطيع منع السؤال..كم سابلغ حينها من العمر؟ وكم من الوقت سيكون امامي..ويبقي السؤال الاهم..هل سأجد ضالتي يوما أم انني ساكتشف بعد اعواما من الان ان هكذا احتواء لا يوجد الا في الافلام والمسلسلات الاجنبية..حيث النهايات السعيدة ..."سعادة ابدية" تدوم لساعتين او اكثر اوحتى عشرات الحلقات ...سعادة ممتلكة..نستطيع ان نحفظها علي اقراصنا الصلبة ونحصل عليها وقتما نشاء..فقط دون ان نحصل علي ايها...نشاهدها بارواحنا..تلك المتعبة اللاهثة خلف السعادة..ونجعل منها خلفيات لهواتفنا لتعذبنا ابدا بالتمني...

Sunday, August 8, 2010


مرهقة تلك المكالمات.. تلك التي تضطر بها لتصنع الابتسام...تلك التي تحمل في اطرافها الأخري أناس قلقة ترغب في الاطمئنان عليك...وتكون اشد ارهاقا عندما تحتاجها..
عباقرة الهواتف المحمولة اكتشفوا ضرورة ان يكون لديك المقدرة علي تجنب هذه المكالمات دون معرفه الطرف الاخر...ذلك الزر الذي يصمّت نغمة الرنين الملحة دون ان يشعر الطرف الاخر... لتستطيع فيما بعد اختراع اعذار تشبه كونك لم تكن بجوار الهاتف..او انه كان مدفونا في الحقيبة حيث لم تستطع سماع رنينه  او كونه كان صامتا..تلك الاعذار التي تجنبك السؤال الحنون"ماذا بك؟"
أكثر ما يزعجني في هذه المكالمات هو انها تاتي بكثرة عندما تكون متعلقا بشعرة ولا ينقصك سوي سؤال ودود ك"كيف انت؟" لتسقط في الهوة السحيقة للحزن...لتتكاثف الاسباب القديمة والجديدة امام عينيك ممدة دموعك بالتصريح للنزول..ذلك الذي حجبه عقلك طويلا...عندما يحدث ذلك فانت تحتاج هذه التكنولوجيا العزيزة..تصمّت هاتفك لعدة مرات...لكنك في النهاية تضطر للاجابة او معاودة الاتصال عندما تكون مستعدا لذلك حتى لا تزيد قلق الطرف الاخر..تعيد الاتصال بتلك الابتسامة الواسعة التي ثبتها جيدا علي وجهك كي تخبيء عبوس الروح...الابتسامة البلاستيكية جيدة التزييف..تلاحق محدثك بالاسئلة عن اخباره حتي لا تعطيه الفرصه لسؤالك...وتتجنب الخوض في اي اخبار تخصك وتكتفي ب"الحمد لله" "انشغال بالعمل" و"سنتقابل حتما عندما يخف الضغط" ثم "يجب ان اذهب" لتغلق الهاتف وتخلع هذ الابتسامة المرهقة وتضعها جانبا بجوار الهاتف لحين تحتاجها مرة اخري..

Tuesday, August 3, 2010

اشتاق حزني القديم...

                                      المود الكهفي...هكذا تسميها صديقتي ...حالة المود الكهفي...تتعجب كثيرً لتمسكي بهذه الحالة...هي الهاربة  من الحزن بأقصى ما تستطيع من قوة..وأنا المتشبثة بقدميه منذ الأزل..القابعة باستمتاع في كهفه المهجور..
****

كان الصمت دوما مخبأي المفضل...هناك حيث اقف تحت مظلة الامان المزعومة في حال قرر الطرف الاخر الانسحاب...لا اصرح بشيء...اشتياق، احتياج ، راحة او حب!
هكذا علمني الراحلون...كل من رحل..اقتطع جزءا صغيرا من لساني وقلمي...اخاف كثيرا علي ما تبقي منهما...لدرجة اني لا استخدم ايهما...لساني اوقلمي...صوت الاغلاق العنيف لباب القلب خلفهم..كل مرة..يحطم  نوافذه كلها..كل مرة ادعي ان الدخول المفاجئ للهواء مرغوب فيه...لكني سرعان ما اشعر بالبرد...اتجمد...ابحث عن اي شيء لرتق هذه الجدران الممزقة...يزعجني الهواء..والخواء...والانين...فارفع صوت الشفقة علي الذات وازيد من حجم المأساة حتى تملا الفراغ..كم اكره الفراغ...وهم الامتلاء يقنعني انهم سيعودون...طالما استبقي كل ذكرياتهم واشيائهم الحميمة حتما سيعودون...لكنهم يضلون طريقهم الي في صحراء العالم الشاسعه...لا احد يعود...الآن لم اعد استطيع الصمت..لكني حتما لا اجد ما اقول...
****

بي رغبة عارمة في الاستلام لموجه الحزن العملاقة والغرق تحتها..احتاج أن اغرق ...لا أحد يفهم احتياجي للحزن...أن تحزن علي شخص أو شيء يعني أن تهتم....ذلك الحزن يحدد انسانيتي...هو الشيء الوحيد الذي يجعلني أنتمي لتلك المجموعة...البشر..أصحاب القلوب...أن تمتلك قلبا _حتى إن كان جريحا كسيراً طوال الوقت_أفضل حتماً من الخواء.