Sunday, September 19, 2010

مراحل الحزن الخمسة


مقدمة اشعر انه لابد منها

اتحدث في السطور المقبلة عن الحزن مرة اخري كما سافعل حتما مرات كثيرة..لكني اليوم اتحدث عن تقسيم مراحله كما زعم ابطال مسلسلي المفضل...لا اعلم تحديدا هل هذا التقسيم له اساس علمي او دراسات او شيء من هذا القبيل لكنه اعجبني واستفزني للكتابة...وكان هذا ما كتبته..
النكران

سلاحنا الاول للتعامل مع الحزن أو الفقد...نرتدي تلك الابتسامة السخيفة ونخفي لمعة العينين..وندعي اننا في افضل حالتنا...اننا بخير...نتنفس بعمق لنوهم الجميع باستمتاعنا بالحياة..بتقدير الهواء النقي للصباح الجديد..باننا اصبحنا اكثر خفة الآن بعد التخفف من بعض الاحمال... في البداية قد نسمح لانفسنا ببعض لحظات الصراحة وكثيرا من الدموع عندما نختلي بانفسنا...مع الممارسة الطويلة يأتي النكران طبيعيا...حتى نتوقف عن ملاحظته..نتوقف عن مصارحة الذات بان هناك شيء مكسور..لا نبحث عن حلول ولا نعالج جروحنا النازفة...ولا نري هذا الحمل فوق الرئتان...يصبح التنفس العميق لا اراديا رغم كونه غير كافيا...نضحك بعلو صوتنا ونصدق اننا بخير...قد تتبلد مشاعرنا حقا...وقد نستيقظ في لحظة ما..امام ابسط المواقف واتفهها..ننهار...نشعر ان الحمل اكبر مما نستطيع..نتعجب من ضعفنا...ننهار دون سبب وجيه لذلك الانهيار..نبكي...نعترف ان هناك ما يحتاج للاصلاح..بعد ان نتوقف عن البكاء نحاسب انفسنا علي هكذا لحظات "ضعف"..نتعهد لانفسنا اننا سنكون اقوي في المستقبل..لن نبكي...لن نحزن ولن نهتم...سنري الدنيا بالالوان...و ربما نفعل..نري الالوان سنراها لكنها لن تعني شيئا..فلن يعني الازرق حزنا او غموضا ولن يعني الاصفر غيرة او حقد و هذا الابيض المتهم دوما بالصفاء لن يعني شيئا علي الأطلاق..ستكون الواناً وسنكون مصابين بالانكار..ولن نكون ابدا..بخير..

الغضب

"انا بخير""لم اكن يوما افضل""كل شيء علي ما يرام" عبارات نرددها عندما نمعن في الانكار..شأنها شأن كل الاشياء حتى وان طالت فترة انكارنا لابد ان تنتهي...بعد الانكار ياتي الغضب..غضب غير مبرر من كل الاشياء و كل الاشخاص..كل من كانوا هناك كل من شاهدك وانت سعيد ومنطلق..تغضب منهم لانهم لم يخبروك انك قد تجرح او تفقد ..حتى وان فعلوا تظل غاضبا منهم لانهم لم يجبروك علي التعقل...تعلم في قرارة نفسك ان احدا لم يكن ليقنعك انك لن تظل سعيدا لباقي العمر...عندما نسعد بعد طول انتظار نتخيل ان هذا جزائنا علي الصبر..وان نصيبنا من الحزن  قد نفذ...لا شيء سوي السعادة حتى الابد...عندما تنهار هذه الصورة وندرك انه لا يوجد شيء يسمي الابد..و ان السعادة نسبية ومتغيرة ككل الاشياء فاننا نغضب..نغضب ونريد تحطيم كل شيء كل شئ حتى انفسنا..خصوصا انفسنا..تلك الضعيفة الحالمة..كاطفال منعوا من اكل الحلوى نضرب الارض بقدمينا بعنف حتى تؤلمنا..ثم نجلس متعبين نجتر ذكريات كانت يوما سعيدة.

المفاوضة

أن الغرق في الذكريات هو اسوأ ما قد نرتكب من حماقات في حق انفسنا...فور انتهاء القصة..علينا ان ندرك ان ما كان كان..ان نحرق كل الاوراق ونهدم قلاع الذكري..ونبدأ فورا في تأسيس ممالك جديدة للحاضر...لكننا نتشبث بالماضي  كغريق يتشبث بطوق نجاة مثقوب...نعتقد ان الماضي سيعود يوما إن نحن حافظنا عليه..محظوظون هم من يستطيعون التفاوض مع  الذاكرة...اقناعها ان تسمح لهم باسقاط بعض الذكريات مقابل وعد بذكريات جديدة...عند عقد صفقة النسيان مع الذاكرة عليك ان تكون ذكيا ، حذرا ومخادعا..لا يهم ان تمحو اكثر الذكريات تفردا و حميمية.. لكن عليك ان تمحو اكثرها ضررا علي المدي البعيد...انا مثلا لم اكن بهذا الذكاء...يوم راودت ذاكرتي عن ذكرياتها محوت اقربها للقلب اكثرها الما انذاك وتركت الاعمق..تلك المختبأة باعماق العقل..تلك التى يتم استدعائها كلما انوي التقدم...تقفز من قاع العقل لتتشبث بقدماي مثبتة اياهما بقوة خرافية للأرض كي لا استطيع  التحرك...فلا استطيع سوي  الاستسلام لمجالسة ذكري ماتت منذ سنوات وتحولت لمصاص سعادة صغير السن لا يقوي علي البقاء بمفرده..

الاكتئاب
حين تفقد الرغبة في كل شيء بالحياة لا شي سوي التقوقع علي ذاتك الكسيرة في ركن الغرفة المظلم...او ان تغرق حزنك ونفسك في الطعام ...ربما تختلف طريقتنا في التعبير عن اكتئابنا..لكننا نمر به جميعا...محظوظون هم من يستطيعون عبوره لشط الامان..

القبول
تلك اللحظة الفريدة عندما تدرك ان ما اصابك لم يكن ليخطئك...ان توقن من ذلك لا ان تردده فقط...ان تتقبل كل ما وصلت اليه يختفي كل السخط ويعود الرضا لمكانه الصحيح  لتري الجانب المشرق من القصة...ما استفدته من التجربة...نضجك العقلي والعاطفي...ان تدرك انك ستكون اقوي في المحنة القادمة..اذ انه لن يحدث ان تتألم بهذا القدر مرتين..ان تفتح ذراعاك للحياة بكل ما تحمله من سلبيات قبل الايجابيات..حينها تصبح متقبلا للعالم...عله يتقبلك هو الاخر...

Tuesday, September 14, 2010

دموع القلب


أدير اغنيتي المفضلة الجديدة/ القديمة..امسح دمعات تريح القلب بشدة قدر ما ترهق عيناي اللتان شخص الطبيب حالتهما بانهما شديدتا الجفاف..عيناي شديتا الجفاف..انا "قريبة الدمعة لامعة العينين" كما اسمتني صديقتي يوما...اليوم اجد صعوبة في تفريغ ما بداخلي  من  شحنات سلبية بتلك القطرات البلورية ..اتابع العلاج بدقة واضيف مرهما ليليا لم يكتبه هذا الطبيب لكن الطبيبة السابقة فعلت ..اكثف جرعات القطرة المحفزة للدموع... ليس لاجل الالم ولا صعوبة فتح عيناي في الصباح..لكن لاجل عودة تلك الدموع...
استلقي علي ارض غرفتي كما افعل كثيرا مؤخرا..فوق سجادة الصلاة تسقط قطرتان.. اتمني الان انهما كانتا من خشية الله...لكنهما لم يكنا...تلك الصعوبة في التنفس وهذا الحمل المجهول الضاغط ابدا علي رئتاي هما السبب في تلك الدمعات القليلة وغير الشافية...

في اليوم التالي...ودون اي مقدمات...ابكي كما لم افعل منذ زمن طويل...ابكي حتى النوم..في الصباح يظل الحمل فوق القلب كما هو بالاضافة اللي عيناي المتورمتان...


أنظر لعينيي المتورمتين في المرآة ..احاول مداراتهما بمساحيق التجميل التى لا تزيد الامر الا سوءا...فاتوقف...امسح كل ما وضعته...ارتدي نظارتي الطبية  التى لا احتاجها سوي للحماية من زيادة الجفاف بسبب الجلوس الطويل امام شاشة الكمبيوتر...عندما سألني زملائي عن تورم جفناي اجبت بآلية ان عيناي متعبتان وان العلاج لم يؤتي بالنتيجة المرجوة...و اني ساذهب لطبيب آخر في اقرب فرصة ممكنة...وفي سري اتمني ان تمرساعات العمل الطويلة بسرعة حتى استطيع العودة لغرفتي واستكمال البكاء قبل ان تُغلق بوابات الدموع مرة اخري حابسة اياي خلف قضبان الجفاف...