Tuesday, January 26, 2010

تاكسي




في الصباح..رأيته متأنقا كعادته..أتسائل ما السبب وراء أناقته الزائدة..تراها امرأة؟!!ا لا يهم المهم أننا نتشارك التاكسي ككل يوم دون تدبير أو اتفاق...من ناحيتي علي الأقل فأنا لا أعرف عنه شيئا سوي تأنقه -الغير مبرر - فالنساء وحدهن يتأنقن لا الرجال...يحييني تحيته المعتادة عبر مرآه السائق..أرد بآليه بينما أحاول التشاغل عن النظر إليه في المراة الجانبية كما اعتدت أن أفعل..فقط لأنه خطر لي بالأمس أنه يعرف بأمر مراقبتي تلك.. ***
حتى لو كان قد انتبه لمراقبتي إياه في المرآة... ماذا في الأمر ،ماذا لو فضحت عيناي قليل من الاهتمام أو الفضول حتى... ألن أثبت بذلك أنه لم يكن محقا في ملامته التي لم ينقض يوما دون أن يسمعنيها عن تجاهلي ، مشاعري الباردة ، قلة اهتمامي ؟ آه .. آلاف الذكريات و المواقف و الكلمات تتداعى فيما الموقف أكثر بساطة و سطحية من هذا الألم المتسلل إلى رأسي و أضلعي .. إنه مجرد رفيق تاكسي أنيق .. ليس أكثر .. أرددها لأنفض بها الأفكار المتهاوية على رأسي ، تسقط عيناي على المرآة .. نعم كان يحدق بي !! لا أدري لما هزتني نظرته تلك التي انصرفت سريعا ما أن تلاقت أعيننا .. و لا أدري أيضا لم اهتزت ثقتي بنفسي ، ترى أي ملامح مجنونة كانت على وجهي أثارت ضحكه و سخريته فيما كان رأسي مستعمرا بما أجتهد لتناسيه !!!‬
 *** 
تعجبني هذه اللعبه الجديدة..أن أشيح بعيني قليلا عنه وأدعي التشاغل بمحادثة تليفونيه أو إرسال رسالة نصية وربما التصفح قليلا بالرواية في يدي ثم أرفع رأسي سريعا لأواجه عينيه في المرآة .. فيرتبك وينظر بعيدا في هلع...أقرأ صفحة وأسترق النظر .. مرات . "ليس ثمة أنثي لا تشعر بعيني رجل" أجدها جمله مغريه جدا لاستفزازه واستدراج الموقف ليتخطي كونه عبث مراهقين يتشاركان تاكسي صباحي ...أطلبها علي عجل لأخبرها أن الرواية أعجبتني..وأنها كانت محقة تماما عندما أجبرتني علي شرائها مؤكدة أنها" ستعجبني حتما" بعد هذه المقدمات التي اعتقدت بحتميتها رميت بهذه الجمله مسرعة وعلي استحياء .."ليس ثمة أنثي لا تشعر بعيني رجل" .. نظرت في مرآتنا وأنا أخبرها أن هذا صحيح جدا..ليبتسم ورغم الخجل العاصف بملامحه واحمرار وجهه الواضح رغم المسافه يثبت عيناه لتلتقي بعيناي للمرة الأولى تقريبا..فأرتبك أنا وأشيح بوجهي بعيدا منهية المكالمه ببلاهة... ها أنا ذا أضع الخطة لاستدراجه فاستدرجني..يا لبلاهتي...
 *** 
‫في كل مرة أزعم فيها أنني الأقوى أكتشف من جديد هشاشتي و تتبدى لي مواطن ضعفي أشباح تطاردني... فلا أجد منها مفر سوى الهروب إلى ركن مظلم من نفسي لأبكي... هذه المرة... لا ، لن أكرر الهروب و لن أعبث في محاولات تبرير مخاوفي ، لن أعط أمرا أكثر مما يستحق... أكرر لنفسي... ليس إلا رجل أنيق... يشاركني تاكسي صباحي... ألملم شتاتي الـ بعثره الخجل ، و أقرر أن أكون من تضع للمشوار نهاية أجمل كثيرا من أن تكدر يوما يبدأ صباحه بارتباكات بلهاء ، أقرر تجاهل عينيه ، تجاهل وجوده .. حتى تجاهل فضولي و رغبتي في التفكير بما قد يكون دائر في ذهنه الآن ... كلما حاولت الانشغال عنه .. ازددت انشغالا به ، هل يعتبر هذا سقوطا ؟؟ و إن كان ؟؟ فهل سقطت سهوا .. أم أنني وقعت فريسة لفخ لم أدركه ؟؟ فخ .. نعم .. إنه كذلك .. فخ نعم. الاحتياج للهروب وحده يطاردني .. يشل قدرتي على تفنيد الأفكار أو التعامل معها بمنطقية قبل أن أفكر أصرخ في السائق بأعلى صوتي ... "على فخ يا اسطى ... " آآآآآه... يذل لساني الآن... لم الآن...في المرة الأولى التي أنطق فيها!!!! يضحك السائق …و هو بدوره... و أنا معهما ... أضحك بشدة و تلتقي عيوننا بقصد في المرآة ... فأبتسم .. و يبتسم .. و ننفجر في الضحك من جديد. أليس من المفترض أن أبكي الآن ؟؟؟
 -----------------------------------
كتابة مشتركة

شروق 

4 comments:

Anonymous said...

حلوة

مروة said...

"كلما حاولت الانشغال عنه .. ازددت انشغالا به"
حلوة قوي يا شروق، فكرتها وأسلوبها وتركيبات الجمل.
بس مش عارفة حاسة إن فيها حاجة مش واصلاني، إزاي البطلة بتقول إنه "ليس إلا رجل أنيق يشاركني تاكسي صباحي" وبعدين بتقول "ماذا لو فضحت عيناي قليل من الاهتمام أو الفضول حتى... ألن أثبت بذلك أنه لم يكن محقا في ملامته التي لم ينقض يوما دون أن يسمعنيها عن تجاهلي ، مشاعري الباردة ، قلة اهتمامي ؟ " حسيت فيها شوية تناقض.
عمومًا عجبني قوي مقطع "اللعبة" وتبادل النظر في المرآة. صباحك خير

ندى مجدي said...

بالنسبة لتعليق مروة أنا حسيت أن المقصود في اللوم رجل من الماضي
تعليقي أنا بقى
عجبتني جدا القصة وبجد معرفتش أحدد فين بالظبط سكتت شروق واتكلمت آية والعكس

إبـراهيم ... said...

أنا طبعًا عرفت شروق قوي جدًا خالص،

ولم تعجبني النهاية!
..............

خذوا هذه عن كونديرا ...من مختارات بثينة:
من يبغي "الارتقاء" باستمرار، عليه أن يستعد يوماً للإصابة بالدوار، لكن ما هو الدوار؟ أهو الخوف من السقوط؟ ولكن لماذا نصاب بالدوار على شرفة السطح حتى ولو كانت مزودة بدرابزين متين؟ ذلك أن الدوار شيء مختلف عن الخوف من السقوط. إنه صوت الفراغ ينادينا من الأسفل فيجذبنا ويفتننا. إنه الرغبة في السقوط التي نقاومها فيما بعد وقد أصابنا الذعر
- ميلان كونديرا -