Sunday, December 13, 2009

...





- لماذا الأسود..ا


- "بضدها تتميز الأشياء" لن أدع مجالا للظلمة بداخله .. فأفسحه على اتساعه في الغلاف


قالتها بابتسامتها .. تلك المزينة دائما ببريق الدموع..ا


***


بين سؤالها ذاك وجلستها هذه مرت سنوات..بين دفاتر سوداء جلست..تقرأ بنهم كل ما لم تقرأه من قبل..اتفقا منذ صغرها أنها ستحترم خصوصيتها طالما لا تفعل ما يتنافى مع ما ربتها عليه..لم تحاول يوما التلصص علي مذكراتها..اليوم وجدت دفاترها القديمة جميعها اسفل السرير مصحوبة بورقة تخبرها بمكان الدفتر الأخير وتعطيها تصريحا بقراءتهم جميعا..قرأت وقرأت حتى وصلت للأخير ..كان أصغرهم علي الإطلاق..ا


***


في الصفحة البيضاء الأولى وبخط أصغر من المعتاد :ا


"أعلم أنكَ دفتري الأخير..لذلك قد اثُقل عليك قليلا..قد أحملك رسالات لمن أحب..وقد لا يسعفني وقتي لفعل ذلك..إن لم افعل..فلتسامحني علي ترك صفحاتك خاوية..فأنا أعلم أن أسوأ جريمة قد نرتكبها نحن البشر في حق الورق هي تركه لألم الخواء وجنون الفراغ.


***


أخذت تفر في الصفحات الخالية ..يستفزها اللون الأبيض الذي بدا وكأنه يعاند حزنها..طالما اعتقدت أن اكبر جريمة ترتكب في حق البياض هو أن نلوثه بخطوطنا المتعرجة التي لا يشعر بثقلها سواه..أما اليوم..بعد أن قرأت الدفاتر كلها..بعد أن وجدتها بين الصفحات..يستفزها اللون الأبيض..تريد المزيد من الصفحات المثقلة...تريد ابنتها ..تعود للصفحة الأولى وتقرأها ببطء..تذهب للصفحة الأخيرة وتخط:ا


"حتى عند الرحيل..كنتِ أشجع".ا


***


"اسمعيني أنا أعلم أن كل ما تتمنينه هو أن أشفى .. ولكن كلانا يعلم أن ما من نهاية سعيدة لهذه القصة.. فاسمحي لي أن انهار .. دعيني أتبعثر في حدودكِ .. اتركيني ابكي .. وابكي علي .. وادخري هذه القوة لأيامكِ من بعدي .. ادخريها لتربية ثالثنا النامي بداخلك .."ا


احتضنت رأسه المندفعة لصدرها ثم أبعدتها لتنظر في عينيه دون أن تفارق الابتسامة وجهها..ا


***


بين الدفاتر وجدته..مظروف صغير كتب عليه اسمها بذلك الخط المحبب الذي لم تقدره سوي الآن..ا


"اعلم انكِ تبتسمين الآن..فأنتِ تصرين دوما علي ارتداء تلك الابتسامة ال...دوما تتحدثين بهذه القوة وكأن شيئا لا يستطيع جرحك..لكني اعلم..اعلم أن اسفل ذاك القناع الحديدي تنساب الدموع عندما أسألك شيئا عنه فتكذبيني انكِ لا تتذكرين..اعلم بتقلبك في الفراش في ليالي الشتاء الباردة حين يغمركِ الحنين...واعلم ...اعلم أنكِ غاضبة مني فقط لأني أشبهه كثير اً ..بي بعض جنونه وبعض الملامح أيضا وكثير من "ضعفه"...حتى مرضه..أذكر أنك حدثــتـني يوما عن يومه الأخير ..يومها رأيت دموعك للمرة الأولى والأخيرة..أخذتِ تخبريني أن الدنيا تدهس الضعفاء وأننا لنحيا لابد أن نتعلم أن نتسابق مع الحياة.. ليس لدينا وقت لنتوقف عند أي حدثٍ ..أو شخص..لابد أن نستمر بالركض وعلينا دوماً أن نبتسم كي تعطينا الدنيا ما نريد..يومها فقط أدركُت اختلافنا الأكبر..يومها أدركت أنكِ مثلي ومثله لكنكِ وحدكِ تختبئين خلف قناع القوة..أما اليوم فأنا أذّكرك بكلماتكِ..لا تتوقفي عند رحيلي..فلتستمري بالركض..حتى آخر أنفاسكِ"ا


***


- "لماذا الأسود؟"ا


تذكرت حديدية الابتسامة ..بعد فترة من الصمت والتحديق في الدفتر بين يديها تردد..ا


- "بضدها تتميز الأشياء"ا


و تشرع بالكتابة ..ا


***


في دفترِ أسودٍ صغيٍر..دفتٍر أسودٍ جديد..و بخط يتعثر في أولى محاولات البوح..ا


"كنتِ دوما أشجع مني..كنتِ أقدر علي اقتحام الصفحات..علي اختزان الذكريات بدفاتر صغيرة لم أعرف قيمتها قبل اليوم..لم أفكر يوماً يا صغيرتي أني سأحتاج مخزوناً من الذكريات.. لم أعرف يوماً كيف أتمسك بالماضي..كنتُ دوما أفكر بالغد..اعتقدتُ أني كي أري الغد لابد أن أمحو الأمس..واعتقدتِ دوماً أن الغد لا يأتي ألا متكأ علي أمسٍ..كنتُ دوماً غاضبة منكِ لسبب أو لآخر لكن ما اكتشفته الآن هو أن أكثر ما كان يغضبني منكِ كونك قويه..دفاترك الصغيرة علمتني أن القوة ليست بالضرورة عكس العاطفة..دفاترك الصغيرة المليئة بالعواطف أعطتني الجرأة التي لم أمتلكها يوماً علي أقتحام بياض دفتر صغير..دفتر أسود صغير..لأهديكِ فيه كل ما تستطيع ذاكرتي الضعيفة أن تبقيه من أيامي بعد رحيلك..لتعلمي أني لم أتوقف يوما عن الركض" ا

شروق مجدي
6/4/2009
3/7/2009

1 comment:

نعكشة said...

i like it

عندي اعتراض بسرعة قبل مانسى
وبعدين هدخل في الاحساس لعام
بسرعة برضو قبل مانسى

..فأنا أعلم أن أسوأ جريمة قد نرتكبها نحن البشر في حق الورق هي تركه لألم الخواء وجنون الفراغ.

مممممم اعتقد ان الجريمة الاسوء هيا ان الوحد يجرح لورق بكلام ملهوش اي لازمة يخليه ينزف غباء و تخلف و احساس بالهبل

معلش الفاظي مش حلوة
سوري

المهم
ندخل في الاحساس
حلو ماشاء الله
السياق عجبني

فيه انسيابية في النص و سلاسة
من وجهة نظري
ومتعتمديش عليها قوي يعني لاني مش ناقدة ادبية
و اصلاً صلاً فاشلة في اللغة
و قراءاتي قليلة
انا بقولك وجهة نظر

اوك بالنوسبة لآخر فقرة
اعتقد القوة تكمن في الوسطية بين تذكر الماضي و السعي نحوا لغد دون لنظر إلى الذكريات التعسة

لإن الماضي يمثل الخبراتو المستقبل هو الطموح
و الحاضر هو الوسط

المهم يعني

رغم اني بحب الكتابة
لكن مش عارفة ليه مبكتبش إلا أما اكون بائسة قوي = في معظم الوقت
ونادراً لما بكون سعيدة قوي

و في لحالات العادية مبكتبش
او مبعرفش مفروض اكتب اية

المهم يعني

عجبتني و خلاص

سلامٌ عليكِ